7 مليار دولار خسرها أهالي مزارع شبعا خلال 37 عاماً من الاحتلال الاسرائيلي
في كل يوم تزداد قضية مزارع شبعا حماوة يزداد معها قلق الأهالي حول مصير هذه القضية ويزداد الأمل في عودة هذه القطعة الغالية من أرض الوطن إلى أصحابها. ولكن بين ذلك القلق وهذا الأمل تبرز قضية هامة وهي قضية الخسائر التي تكبدها الأهالي من جراء الاحتلال الاسرائيلي أو بتعبير آخر الخسائر التي نتجت عن الاحتلال من خلال فقدان الأهالي لأرضهم ومصادر ارزاقهم والمداخيل التي كانت تجنيها العائلات المالكة لهذه الأرض. فلو انطلقنا من مسلمة اساسية وهي أن مساحة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي 200 كلم مربع تقريباً وأن عدد العائلات التي تملك هذه الأرض وتستفيد منها إما بشكل دائم واساسي أو بشكل موسمي تتراوح بين 7 آلاف وثمانية آلاف عائلة أي ما يوازي 35 ألف إلى 40 ألف مواطن هم اصحاب الأملاك في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فإن دراسة الخسائر الاقتصادية الناتجة عن فقدان مصادر الدخل لهذه الشريحة الكبيرة من المواطنين اللبنانيين تصبح مسألة هامة جداً وضرورية من أجل تشكيل ملف متكامل لدىالمراجع المختصة حتى يصبح التحرك المطلوب باتجاه المنظمات الدولية متكاملاً بكافة جوانبه السياسية والتاريخية والقانونية والاقتصادية والجغرافية.
لذلك نقول بأن قضية وطنية بحجم قضية مزارع شبعا يجب أن تشكل بالمنظار الوطني المجرد حالة إجماع بين جميع اللبنانيين من أجل استعادتها وتحريرها والمطالبة بكل حق يتعلق بهذه الأرض ويرتبط بها. ولهذا السبب اجتهدت هيئة ابناء العرقوب وناضلت في سبيل ابراز هذه القضية واثبات حقنا المشروع بهذه الأرض منذ ما يقارب الربع قرن من الزمن وجمعت الوثائق والمعلومات التفصيلية والدقيقة عن كل تفاصيل القضية، حتى استعانت الدولة اللبنانية بهذا الملف حين قررت الاقتناع بعدالة القضية، وهذا ما يؤهلنا ربما أكثر من غيرنا لإلقاء الضوء على الجانب الاقتصادي بتفاصيل دقيقة وحاسمة تبرهن حجم هذه الخسائر الذي قد يفاجيء البعض ولكنه لم يشكل بالنسبة لنا أية مفاجأة وهو على الشكل التالي:
أولاً: واقع حال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا عام 1968
كان تعداد سكان بلدتي شبعا وكفرشوبا عام 1968 حوالي 25 ألف نسمة وكان هؤلاء السكان يستفيدون بنسبة تصل إلى 95 بالمئة من أراضي ومحاصيل مزارعهم ونسبة الـ 5 بالمئة كانت من الموظفين والمهاجرين. وهذه النسبة لديها أملاك في المزارع ولكنها كانت تعتمد في اقتصادها على مداخيل أخرى. وكانت علاقة هؤلاء السكان بأرضهم على الشكل التالي:
1 – 1200 عائلة تسكن في مزارع شبعا بشكل دائم (8400 نسمة).
2 – 600 عائلة تسكن في مزارع شبعا بشكل مؤقت (4200 نسمة) في فصل الشتاء.
3 – 1000 عائلة تملك اراضي وبساتين وتستفيد منها دون أن تسكن في المزارع (7000 نسمة).
4 – 600 عائلة تستفيد وتملك أراضي تلال كفرشوبا (4200 نسمة).
وبذلك كان عدد العائلات التي تستفيد مباشرة من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا 3400 عائلة (23800 نسمة).
إن عدد سكان شبعا وكفرشوبا عام 2005 يتجاوز 45 ألف نسمة وقد يصل إلى 50 ألف وبذلك يصبح عدد العائلات يتراوح بين سبعة آلاف وثمانية آلاف عائلة تشكل أصحاب الحقوق والاملاك في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ثانياً: الواقع الاقتصادي
كان اقتصاد بلدتي شبعا وكفرشوبا معتمداً بشكل أساسي على الزراعة وتربية الماشية كما هو حال معظم بلدات المنطقة وكانت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي المصدر الأساسي لهذه الموارد والتي يمكن تصنيفها على الشكل التالي:
أ – الحبوب وتشمل: القمح – الشعير – العدس – الحمص – الفول – الفاصوليا – الماش – البازلا – السمسم – الفستق.
ب – الاشجار المثمرة وتشمل: الزيتون – التين – الكرمة – التفاح – الاجاص – الخوخ – اللوز – الجنارك – المشمش – الصبار – البرتقال (ملاحظة: كانت مزارع شبعا هي الخزان الأساسي للزيتون في المنطقة حيث توجد فيها آلاف اشجار الزيتون المعمّرة والمنوّعة).
ج – الخضار والبقول وأهمها: البطاطا – البندورة – الخس – الملفوف .
د – الغابات: تضم مزارع شبعا العديد من الغابات الجميلة جداً والتي تحوي أنواع عديدة من الاشجار المعمرة مثل السنديان والملول والبطم والزعرور وغيرها.
هـ - الثروة الحيوانية: اعتمد الأهالي في مزارع شبعا على تربية المواشي والدواجن. إلى جانب البساتين والمحاصيل الزراعية وكانوا يملكون في تلك الفترة الأنواع التالية:
1 – الماعز (100 ألف رأس).
2 – الاغنام (5 آلاف رأس).
3 – الابقار (5 آلاف رأس).
4 – الخيول (1500 رأس).
5 – الدواجن (90 ألف طائر دجاج وأوز وحبش).
ثالثاً: الخسائر الاقتصادية:
أ – الانتاج الزراعي السنوي:
1 – زيتون (2800 عائلة×40 برميل ×80 دولار) = 8.960 مليون دولار.
2 – حبوب (2800 × 4 طن ×600 دولار) = 6.720 مليون دولار
3 – بطاطا (2800 × 0.5 طن × 300 دولار) = 0.420 مليون دولار.
4 – فاكهة (2800 × 7 طن × 300 دولار) = 5.880 مليون دولار.
5 – فستق (200 × 4 طن × 350 دولار) = 0.400 مليون دولار.
6 – خضار وبقول (1600 طن × 250 دولار) = 0.400 مليون دولار.
7 – بندورة (200 × 4 طن × 350 دولار) = 0.280 مليون دولار.
المجموع أ = 23.060 مليون دولار.
ب – الانتاج الحيواني السنوي:
1 – الماعز (200 عائلة تملك كل منها 500 رأس)
100 ألف × 75 دولار = 7.500 مليون دولار
2 – الاغنام ( 50عائلة تملك كل منها 100 رأس)
5 آلاف × 150 دولار = 0.750 مليون دولار
3 – الابقار ( 250عائلة تملك كل منها20 رأس)
5 آلاف × 250 دولار = 1.250 مليون دولار
4 – الخيول 1500 رأس × 800 دولار = 1.200 مليون دولار
5 – الدواجن (1200 عائلة تملك كل منها 75 طائر)
90 ألف × 4 دولار = 0.360 مليون دولار
المجموع ب = 11.060 مليون دولار
ج – الانتاج الزراعي لتلال كفرشوبا:
(600 × 4 طن × 600 دولار) = 1.440 مليون دولار
وبذلك تبلغ الخسائر الاقتصادية السنوية الناتجة عن فقدان المواسم الزراعية والانتاج الحيواني 35.560 مليون دولار فإذا احتسبنا هذه الخسائر لمدة 37 عاماُ من الاحتلال وحرمان الأهالي من استثمار ارضهم تكون الخسائر ما مجموعه = 1.316 مليار دولار
إضافة إلى ذلك فإن هناك أكثر من 2000 عائلة كانت تملك بيوتاً في المزارع فإذا تم تقديرها بمعدل وسطي 15000 دولار للبيت الواحد فإن الخسائر تصل إلى 1.350 مليار دولار.
إن هذه الدراسة التي تم اعدادها عام 2000 اعتمدت في بعض الأرقام علىاسعار العام 1968 وبعضها الآخر على اسعار العام 2000 فإذا اعتبرنا أنها اعتمدت على أسعار العام 2000 واحتسبنا اسعار الفوائد على الدولار حسب نشرة بورصة لندن في 30/6/2005 فإن الخسائر تتجاوز السبعة مليارات دولار أميركي.
ان هذه الخسائر لم تأخذ بعين الإعتبار الاستثمارات الاسرائيلية في مناطق مزارع شبعا وما حققته من مردود وانتاج من خلال احتلالها لهذه الارض.
لقد أقامت إسرائيل مطلع الثمانينات منتجعات شتوية سياحية ومراكزاً للتزلج على ارتفاع 2669 متراً عن سطح البحر في منطقة مقاصر الدود في مزارع شبعا ويقدر دخلها السنوي بحوالي المليار دولار أميركي, وتستثمرها شركة يملكها يهودي من أصل فرنسي, كما تقول المعلومات أيضاً بأن هناك استثمار لبعض الأراضي الزراعية من خلال زراعتها بحقول الكرمة التي تصنّع منها إسرائيل نبذاً مميزاً تصدّره إلى الأسواق العالمية, كما ذكر لنا الصحافي الفرنسي الشهير السيد آلان مينارغ.
كذلك يستغل الصهاينة عشرات الينابيع العذبة الموجودة في هذه المزارع ومنها: ينابيع وادي ذهبة, الكسار, الخرار, صبيح, عين فلسطين, عين الجديدة, الفريد, أم قرطاس, بيت البراق, المشهد, عين المنابيع، الدلفة، وادي الكسح، مغارة المياه، مفتاح العيون وعين الربعة.
وتنتشر هذه الينابيع من أعالي الجبال في قمة الزلقا ومقاصر الدود شرقاً حتى جنوب وادي العسل غرباً وتمتاز بمياهها العذبة والنقية. وكان أهالي مزارع شبعا يستخدمونها كمياه للشفة وللري وكانت تستخدم أيضاً لتروي آلاف رؤوس الماشية.
وبعد وقوع مزارع شبعا تحت الاحتلال وبعد أن أتمت اسرائيل بناء الشريط والسياج الشائك حول المزارع عام 1972 قامت بجرف وتقطيع قساطل المياه التي كانت تغذي بعض البرك خارج الشريط وبدأت بسحب مياه هذه الينابيع إلى مواقعها العسكرية ومنها رويسة العلم والسماقة، كذلك قامت بجر بعض الينابيع لتغذية المراكز السياحية التي اقامتها إسرائيل في مرتفعات جبل الشيخ المحتلة والتابعة لبلدة شبعا. كما افادت المعلومات المتوفرة من المنطقة بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بجر مياه الينابيع واستثمارها بل عمد إلى حفر عشرات الآبار من أجل استغلال المياه الجوفية ومدها عبر القساطل المطموره تحت الأرض إلى مواقع محددة يقوم بعدها بتوزيعها على المستعمرات التي استحدثها في شمال فلسطين المحتلة.
لذلك فإن هذه القضية تستحق من الدولة اللبنانية الاهتمام والرعاية الشديدة وليس الاهمال أو الحديث الصحافي أو التصريحات في المناسبات. ومن أجل أن نكون عمليين في ما نقول فإننا نقترح الخطوات التالية التي نرى أنه من واجب الحكومة القيام بها:
أولاً: تشكيل لجنة وزارية خاصة برئاسة رئيس وزراء لبنان أو وزير الخارجية تكون مسؤولة عن متابعة ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونحن مستعدون للعمل معها بشكل تطوعي ونضع كل خبراتنا ودراساتنا ووثائقنا بتصرفها.
ثانياً: قيام اللجنة بقيادة تحرك فاعل باتجاه الأمم المتحدة من أجل تصويب موقفها من مزارع شبعا واعتبارها تخضع للقرار 425 وليس لأي قرار آخر.
ثالثاً: تشكيل ملف قانوني واقتصادي يتضمن الخسائر التي لحقت باصحاب الحقوق في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا خلال 37 عاماً من الاحتلال والتقدم بشكوى لدى المحاكم الدولية المختصة لمطالبة اسرائيل بالتعويض عن هذه الخسائر على اعتبارها جرائم حرب واعتداءات غير مبررة على مواطنين ابرياء وحرمانهم من مصادر عيشهم. ويمكن أن يضاف إلى الملف كل الخسائر التي نتجت عن الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان.
المصادر والمراجع:
1 – دراسة اقتصادية لهيئة ابناء العرقوب بعنوان "خسائر مالكو مزارع شبعا المحتلة – منشورات الهيئة للعام 2000.
2 – مزارع شبعا في ضوء الوثائق التاريخية والمطامع الصهيونية – الدكتور عصام خليفة – منشورات وزارة الاعلام 2001.
3 – مزارع شبعا لبنانية وجزء اساسي من القرار 425 – الدكتور محمد حمدان (رئيس هيئة ابناء العرقوب) النهار في 23 – 4 – 2005.
4 – مزارع شبعا اللبنانية في مواجهة الاطماع الصهيونية – هيئة ابناء العرقوب – المركز الوطني للدراسات – بيروت 1996.
5 – مقابلات مع العديد من اصحاب الاملاك والاهالي وكبار السن من ابناء مزارع شبعا.
6- مقابلة خاصة مع الصحافي الفرنسي السيد آلان مينارغ بتارخ 15-5-2000.
|